™ فريق النوارس ... اكبر منتدى عربى شامل ™
™ فريق النوارس ... اكبر منتدى عربى شامل ™
™ فريق النوارس ... اكبر منتدى عربى شامل ™
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

™ فريق النوارس ... اكبر منتدى عربى شامل ™

منتدي  مختلف  مش عادي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نظرات للشيخ محمد الغزالي في التاريخ الإسلامي (2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
شهد
مشرفة الساحة العامة
مشرفة الساحة العامة
شهد


انثى عدد الرسائل : 217
العمر : 40
   : نظرات للشيخ محمد الغزالي في التاريخ الإسلامي  (2) A2110
تاريخ التسجيل : 12/11/2008

نظرات للشيخ محمد الغزالي في التاريخ الإسلامي  (2) Empty
مُساهمةموضوع: نظرات للشيخ محمد الغزالي في التاريخ الإسلامي (2)   نظرات للشيخ محمد الغزالي في التاريخ الإسلامي  (2) I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 25, 2008 10:56 am

بقلم / الدكتور : نجيب بن خيرة


منهج الغزالي في التعامل مع أحداث التاريخ الإسلامي :

عندما كتب الشيخ يوسف القرضاوي عن مرتكزات الفكر الدعوي عند الشيخ محمد الغزالي فإنه أرجعها إلى مرتكزات أساسية أعظمها :


القرآن الكريم الذي هو مصدر الشيخ الأول ، يغترف منه صباحه ومساءه ، فلا يشبع منه ولا يفتر ، وهو جنته الدانية القطوف التي يتفيأ أبدا ظلالها ، ويقتطف من ثمارها ، وهو الصاحب الدائم الذي يعايشه تاليا متدبرا ، وشارحا مفسرا ..

ثم السنة النبوية : هي المصدر الثاني للشيخ ، وهي مرتكزه بعد القرآن ، يقتبس من مشكاة النبوة ، وينهل من معين الرسالة ، بها يوضح معاني القرآن ، ويعمق من مدلولاتها .

أما مرتكزه الثالث: فهو التاريخ الإنساني العام ، والإسلامي الخاص ، وقمته السيرة النبوية ، فهي بداية تاريخ الإسلام ونقطة انطلاقه .

والشيخ قارئ جيد للتاريخ ، مدرك لوقائعه الحاسمة وأحداثه الكبرى ، ومراحله المتلاحقة ، وبخاصة التاريخ الإسلامي ، وأسرار انتصار أمته وتفوق حضارته ، ثم تراجع هذه الحضارة ، وتخلف الأمة وتمزقها ، وغلبة أعدائها عليها وأسباب ذلك .

والغزالي لم يؤلف كتابا في التاريخ بعينه ، ولكننا نجد حديثه عن حوادث التاريخ الإسلامي خاصة في ثنايا الموضوعات المتعلقة بالدين ، والأخلاق ، والأنظمة .. يسترشد بها ، ويرصع بها حديثه ، ويدلل بها على صحة قوله ..

ويسيطر على الغزالي وهو يكتب عن تاريخ الإسلام عاملان أساسيان هما :

1 ـ أن التاريخ الإسلامي هو التطبيق العملي لمبادئ الإسلام وهديه وشرائعه ، وأي مساس به والتزوير في كتابته ، والتدليس في روايته هو تزوير للإسلام عقيدة وشريعة ، وهذا ما لا يسكت عنه مسلم غيور على دينه ، شفيق على أمته .

2 ـ أن صناع أحداث هذا التاريخ منذ العصر الأموي إلى سقوط الخلافة ليسو معصومين بل هم بشر ، منهم البر والفاجر ، والمخطئ والمصيب ، ومسالكهم قد تضل وقد ترشد ، وما تؤخذ الأسوة الحسنة إلا من صاحب الرسالة وخلفائه الراشدين .من هنا فالغزالي لا ينفك عند حديثه عن وقائع التاريخ الإسلامي يطرح منهجا متفردا ، ويمنح قارئه رؤية واضحة لتفسير إسلامي للتاريخ ، فضلا عن أنه يعرض لفترات من التاريخ الإسلامي ، ويحُلل جانبا من معطياتها بنظرات صائبة لم يسبق إليها ـ فيما أرى ـ ، بل إن كثيرا منها تبناها المفكرون والدعاة الإسلاميون بعد ذلك .

وقد وجدت الغزالي ملتزما بمنهج عدل في دراسة تاريخ الأمة الإسلامية واستخلاص العبرة منه ، ولعلّ من ملامح هذا المنهج ما يلي :

1 ـ الاعتماد على أصح الروايات من أوثق المصادر التاريخية .. فهو يورد في كتبه عند الاستشهاد بحادثة تاريخية معينة روايات في أغلبها متفق عليها عند جمهرة من المؤرخين الأوائل ، ولا يعمد إلى عملية انتقاء الروايات التي تخدم فكره .

2 ـ لا ينفي أية رواية ، ليرد شبهة عن صحاب أو خليفة .. فالتاريخ عنده تاريخ كما هو لا كما يجب أن يكون، لأن وجود أخطاء متنوعة حتى في مرحلة القدوة هو من لوازم الطبيعة البشرية ، ولا يمكن أن يتم الاقتداء والتعامل مع كل النوازل ، إذا نظرنا إلى مجتمع الصحابة على أنه الأنموذج المتفرد المعصوم .

والتاريخ ليس مصدرا للتشريع " لأنه عمل الحاكمين لتنفيذ الإسلام ، وهذا العمل قد يكون خطأ وقد يكون صوابا ، وكما أن الفقه الإسلامي غير معصوم ؛ لأنه هو عمل العقل الإسلامي في استنباط الأحكام من أدلتها ـ وفيه الخطأ والصواب ـ فكذلك التاريخ الإسلامي ".

3 ـ لا يبالي بتفاصيل الأحداث وتفريعاتها لأنه لا يرى لمثل هذه التفاصيل أهمية في فهم الحدث أو أسبابه أو نتائجه ، بل يعلق على الحدث التاريخي مباشرة دون الوقوف على وصف الجزئيات ، مع الإحاطة الواعية بالأحداث ، وحسن الاقتباس منها بما يمكن من أخذ العبرة والعظة .

4 ـ لا يحاول الشيخ الغزالي توسيع نطاق مصادره التاريخية أو إغنائها ، وإنما يكتفي بالعدد المحدد منها ، فمثلا نجد أن أكثر نُقولِه في التاريخ العباسي عن ابن الأثير في كتابه " الكامل في التاريخ " ، وابن كثير في " البداية والنهاية " ، كما أنه لا يسعى إلى عقد مقارنة بين الروايات التي يستشهد بها ، ولكنه يعمد إلى التعليق والتعقيب غير ملتفت إلى التفسيرات والتحليلات التي يوردها المؤرخون المعاصرون عليها .

لأن الشيخ الغزالي لا يريد أن يكتب تاريخا أو يمحص رواية بقدر ما يريد أن يسعى إلى تفسير الحوادث وفق منهج القرآن ، بعد أن يعرضها على النموذج النبوي والراشدي .


5 ـ يتجاوز الشيخ الغزالي أحيانا الاعتماد المباشر للنصوص ، فيكتفي باستقرائها ومتابعتها لكن ما يلبث أن يستخلص منها الخطوط العريضة للوقائع والأحداث فيعرضها مركزة موجزة بأسلوبه المتميز ، وقد تقصر هذه النصوص وقد تطول ، وقد يعزز حديثه ببعض الروايات وينقلها من مصادرها حرفيا ، ويفعل ذلك لينقل القارئ إلى مناخ الحدث ، لكي يكون أقرب إلى نبضه ، وأكثر قدرة على إدراك نسيجه ومؤثراته ، ثم يصوغ ذلك كله وفق أولويات ومعطيات في معمار متماسك .

6 ـ يعمد الغزالي إلى منهج يربط بين المقدمات والنتائج في مجرى الوقائع التاريخية ، فحركة التاريخ لا تمضي عبثا وعلى غير هدى ، وإنما تحكمها سنن ونواميس وقوانين ترتُّب المصائر على اجتماع حشد من الوقائع والأحداث، وتجعل من توجه الفعل التاريخي بهذا الاتجاه أو ذاك أمرا محتوما .

فليس ثمة عشوائية في مجرى التحقق التاريخي ، إنما هنالك النهايات التي تترتب بالحق والقسطاس على بداياتها القريبة والبعيدة ، ويكون الجزاء دائما من جنس العمل ، فلا تطيش السهام ، ولا يغدوا التاريخ مسرحا عبثيا يقوم اللامعقول بدور البطولة فيه .


7 ـ لا ينسى الشيخ الغزالي في منهجه لدراسة التاريخ ربط ماض الأمة بحاضرها، فتارة يحدثك عن الفتح الإسلامي مثلا ، ثم يعبر بك الزمن سريعا ليعقد مقارنة عجيبة بينها وبين ما جرى في الحرب العالمية الأولى والثانية في أسلوب منسجم متناسق ، لا يخلو من جمال الديباجة وروعة الأداء .

8 ـ لا يتعامل الشيخ الغزالي مع الأحداث التاريخية ببرودة المؤرخ أو الباحث الذي يجرد نفسه من عواطفها ، بل إنه ينفذ إلى ما وراء الحدث ، ويسكن الأحداث، ثم يقدم المادة التاريخية بدقة فيها تحقيق المؤرخ، وإشراقة الأديب ، وحماسة الداعية ، يفسر من أحداث التاريخ ما يخدم رسالة الإسلام ، ويحببها إلى الناس ، ويظهر وجهها المشرق الجذاب ، رافضا كثيرا من المواقف التي لا تتوافق مع عظمة الإسلام ، وسمو مبادئه ، وعدالة أحكامه ، وجلالة أهدافه، ومرجعية الشيخ في ذلك كتاب الله عز وجل ، وصحيح السنة المشرفة ، فهما الأصلان اللذان يرجع إليهما ، ويعوِّل عليهما .

دولة الخلافة الراشدة …. التيار المتجدد :

بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت دولة الخلافة الراشدة في المدينة المنورة المدد الموصل لتيار يتجدد من النظم والأخلاق ، والقيم الرفيعة التي ما فتئ المسلمون يصدرونها للأمم والشعوب التي يصارعونها ويضارعونها في ثقافة تفيق الأذهان، وتنضج الملكات، وتنمي الفضائل، وتضبط السلوك .. وعن الخلفاء الأربعة الذين كان عصرهم امتدادا لعصر النبوة … يقول الغزالي :

" وما أحسب الدنيا عرفت من قبل ولا من بعد أعدل ولا أنبل ولا أشرف من الرجال الأربعة الذين حكموا الأمة الإسلامية في هذه الدولة القصيرة ، والإسلام لا يؤخذ من أحوال المنتمين إليه حاشا الخلافة الراشدة".

ويعلق الشيخ الغزالي على ما حدث في مؤتمر السقيفة في معرض حديثه عن الشورى ، وكيف تختار الأمة لمنصب الخلافة العظمى ـ وهو أخطر المناصب وأشرفها ـ أليق الناس له ، وأجدرهم بتسلمه ، واعتبر الغزالي أن رد أمر الخلافة إلى جمهور المسلمين ليس نافلة يتبرع بأدائها الحاكم ، بل هي حكم الله ، ومنطق الفطرة . فيقول :

" لقد اختير أبو بكر صاحب رسول الله خليفة له ، وبدا إعطاء الأصوات له في السقيفة على نحو كريم واضح لا إكراه فيه ولا احتيال، ولم يقم أمامه منافس تلتف حوله الجموع وينخرق به الإجماع ، فصح استخلاف أبي بكر !، وتضافرت كفايته الخاصة ، وإيثار الأمة له على السير بالإسلام قدما ، فكان عصره امتدادا لشعاع النبوة " .ثم يواصل الشيخ حديثه عن الطريقة التي تم بها اختيار عمر رضي الله عنه للخلافة ، وأنها كانت تسير وفق مراد الأمة ، ويقرر أن أبا بكر لم يتجهم لآراء المسلمين ، ولم يجبرهم على قبول عمر خليفة وهم له كارهون . كلا .. !.

" لقد جمع أبو بكر الأمة على رجل معروف ، يتولى قيادها في أعقد الأزمات ، وأخطر الجبهات ، وصدف عن إنشاء بيعة عامة للخليفة الثاني لا ليهدم مبدأ الشورى ، ولا ليضع قاعدة تقول : إن اختيار الخليفة يمكن أن يتم بصوت واحد ! ، كما يقول بعض الناس ، ويسمون بقولهم هذا فقهاء ! ! ، وأبو بكر لم يختر ابنه ، ولم يمل إلى رجل مغموض ، ولم يفاجئ المسلمين بمن يرشحه ، وإنما وطأ له الأكناف، ويسّر له القبول " .أما عن خلافة عثمان رضي الله عنه فقد تمت استنادا إلى هيأة انتخابية ابتكرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبيل وفاته ، عرفت فيما بعد باسم (أهل الشورى) ، وقد رضي الناس كافة هذا التدبير ، ورءوا فيه مصلحة لجماعة المسلمين ، خاصة وأن هذه الهيئة مكونة من خيرة الصحابة رضوان الله عليهم ، يقول الغزالي :" وما صنعه عمر في استخلاف من بعده قريب من صنيع أبي بكر ، فقد ترك أمانة الحكم في وصاية ستة نفر ـ هم خيرة أصحاب رسول الله ـ وهؤلاء الأوصياء على الخلافة المسؤولون على توجيهها إلى أهلها ليسوا جماعة من سواد الناس ، حتى يقال : إن اجتماع خمسة أصوات على واحد يرشحه للخلافة العظمى .أإذا تم اختيار عميد كلية بخمسة أصوات نفهم منه أن عمادة كلية ما تتم بخمسة رجال ولو من عرض الطريق؟؟.

أإذا تم انتخاب البابا بعشرين كردينالا يفهم منه أن عشرين نصرانيا ينتخبون رئيسهم ؟؟ ، إن هذا باطل .

ولا ينبغي أن ننسى أن عمر لم يدع العامة إلى انتخاب رئيس لهم للملابسات التي ذكرناها لك ، وهي اشتباك الجيوش الإسلامية في قتال اتسعت ساحته حتى تشمل المشرق والمغرب ، ومع ذلك فهو لم يتجه إلى توريث ابنه حكما ، ولم يصنع إلا ما تصنع الدول العريقة في ديمقراطيتها حين تواجه أمثال هذه الأزمات..!".

وبما أن الشيخ الغزالي رجل الدعوة الإسلامية والقائم عليها ، والمتتبع لسيرها منذ صدر الإسلام إلى وقتنا الحاضر ، يرصد منعطفاتها ، ويقتفي مسالك دعاتها راسما الخط البياني العظيم لدعوة الإسلام عبر الزمن، منذ أن حملت هذه الأمة الوحي وصدرته إلى الشعوب والأمم … واعتراض سبيلها من قوى الشر المتربصة تريد الإجهاز عليها، وكتم أنفاسها، والقضاء على آثارها في البلاد والعباد إلى الأبد، أليست دعوة الأمس هي دعوة اليوم ؟ . وحي واحد، ومنهج واحد، وبلاغ واحد ، يرثه الأسلاف عن الأخلاف . فإنه وهو يفسر تاريخ الأحداث بما يخدم دعوة الإسلام علوا، وبما يسيء إليها هبوطا فإنه يسجل جملة من الملاحظات في مسيرة دعوة الإسلام زمن الراشدين ، وتحصل العبرة البالغة من مدارستها وهي :

1 ـ أن مقتل الخلفاء الثلاثة عمر وعثمان وعلي كيف تم ؟ .. في جو غريب من الأمان ليس له تفسير إلا أن المسلمين المنتصرين غفلوا عن فلول اليهود والمجوس الذين يحملون الضغائن والأحقاد ، جعلهم يلجأون إلى الخفاء ليدبروا من وراء ستار أفعالا هائلة .

فعلى المسلمين أن يغلغلوا البصر في مواقف أعدائهم فقد لدغوا من هذا الجحر مرّة بعد أخرى .

2ـ أن كثرة الرعاع الهمج التي كانت تعيش داخل المجتمع المسلم زمن الخلافة الراشدة لم يفهموا حدود الحرية، ولم يفقهوا علاقة الحاكم بالمحكوم ، فراحوا يدبرون لقتل الخلفاء بعدما كانوا يعيشون في ظل الفراعنة والقياصرة ، يكفيهم أن يظفروا بجزء من حقوقهم المادية والأدبية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شهد
مشرفة الساحة العامة
مشرفة الساحة العامة
شهد


انثى عدد الرسائل : 217
العمر : 40
   : نظرات للشيخ محمد الغزالي في التاريخ الإسلامي  (2) A2110
تاريخ التسجيل : 12/11/2008

نظرات للشيخ محمد الغزالي في التاريخ الإسلامي  (2) Empty
مُساهمةموضوع: رد: نظرات للشيخ محمد الغزالي في التاريخ الإسلامي (2)   نظرات للشيخ محمد الغزالي في التاريخ الإسلامي  (2) I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 25, 2008 10:57 am

3 ـ العصبية القبلية والمصلحة الفردية للأسف كانت الموجه الأول كمواقف كثيرة، لاتقوم بها مصلحة ولا تنعقد عليها فائدة الأمة والدولة على سواء ، وكان لذلك أثر وخيم على الإسلام ودولته الأولى! .

وعلى أية حال … فإن دولة الخلافة الراشدة نجحت نجاحا تاما في اسقاط الطواغيت التي كانت تسوس العالم ، واستطاعت أن تقيم للإسلام حكومة مهيبة ، وتعد من الناحية السياسية الحكومة الأولى في العالم يومئذ . ثم يلمح الشيخ الغزالي إلى ما قام به الصحابة رضوان الله عليهم في عصر الراشدين، من خروجهم دعاة بالإسلام شرقا وغربا ، ودكت تحت سنابل خيولهم حصون ومعاقل وحضارات كان العقل يومئذ يحكم باستحالة سقوطها..

" لقد لحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى والإسلام لم يتخط حدود الجزيرة العربية ، بيد أن الرجال الذين رباهم، والذين يعرفون عالمية الدعوة، شرقوا بها وغربوا ، وذللوا عقبات كان البصر العادي يحكم باستحالة تذليلها .. ذهبت دولة الفرس وشرع المسلمون يتحسسون ما وراءها شرقا … وسقطت راية الروم عن آسيا الصغرى ووادي النيل، ولكن أملاك الروم ممتدة حتى شواطىء الأطلسي غربا، ولها في الشمال أعماق لابد من سبرها…

وعندما يتحدث الغزالي عن أحداث الفتنة الكبرى التي وقعت في صدر الإسلام فإنه يعالج أحداثها بمذهب أهل السنة في تبيين وجه الحق فيها ، وتوضيح مواقفهم منها ، وحمل رواياتها على أحسن المحامل .

فهم يرون أنه يتوجب على كل مسلم أن يحب جميع الصحابة ويترضى عنهم، ويترحم عليهم، ويحفظ لهم فضائلهم، ويعترف لهم بسوابقهم، وينشر مناقبهم ، وأن الذي حصل بينهم إنما كان عن اجتهاد ، والجميع مثابون في حالتي الصواب والخطأ ، غير أن ثواب المخطىء في اجتهاده، وأن القاتل والمقتول من الصحابة في الجنة .

وقد كانت أحداث ( الفتنة ) فرصة أحسن استغلالها أعداء الإسلام ليشنعوا على الإسلام ، وينالوا من رواده الذين حملوا لواءه ، ومسؤولية نشره مضحين بأرواحهم قبل أموالهم ، كذلك وجد فيها " المذهبيون المتعصبون " معينا لا ينضب لاختلاف الروايات والأقاويل للنيل من صحابي على حساب آخر.

ومن الذين استغلوا موضوع الفتنة وراحوا يشنون العدوان على جيل الصحابة الأستاذ الشرقاوي الذي نشر مسلسل ( علي إمام المتقين ) الذي كانت تنشره صحيفة الأهرام ، ونكأ فيه الجراح القديمة ، وأحيا فيه الطائفية الهامدة ، وشحن السلسلة بأخطاء وأهواء توقظ الفتنة، وتشغل المسلمين المعاصرين عن مواجهة خصومهم إلى محاكمة الموتى ، ونسبه جرائم كاذبة إلى رجال ونساء وأبرياء .. فانبرى له الشيخ الغزالي بالرد المفحم ، والحجة الداحضة ، فكتب يقول :

" إن القاصي والداني والذكي والغبي يعرفون أنباء الفتنة الكبرى التي وقعت في صدر الإسلام، ولما كانت دراسة الماضي تقع للعبرة لا للتجريح ، وللبناء لا للهدم فإن أئمة الفقه والتاريخ والتوجيه العام قالوا : دماء طهر الله أيدينا منها فلا نلوث أفواهنا بها ! وقد حكمت كثرة المسلمين بأن فلانا أصاب وفلانا أخطأ، وكان ذلك عن اجتهاد يعرف علام الغيوب ما وراءه من قصد ، وسيحكم بينهم في اللقاء الأخير ، ونحن ننظر إلى ما حدث ونقرأ قوله تعالى : " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون ((البقرة ـ 141 ) .

وقد استطاع الغزالي أيضا أن يميط اللثام عن الدعاوى الواضحة ، والأكاذيب الفاضحة التي أوردها عبد الرحمن الشرقاوي في كتابه ، وأورد الرد في صفحات قاربت الثلاثين ، قال في بدايتها موضحا فكر الكاتب ومنهج الكتاب :

" كان عرض التاريخ الإسلامي من زاوية الفلسفة المادية نصيب الأستاذ الشرقاوي ، فألف كتاب " محمد رسول الحرية " على أساس أن الإسلا م مظهر للصراع بين الطبقات ، وأن الأصنام تم نصبها حول الكعبة لأسباب مادية ، وتم هدمها لأسباب اقتصادية .

وقد اعترض الأزهر على تداول الكتاب، وكتب مفندا ما جاء به ، ولكن الكتاب بقي لأن رجال الثورة يريدون بقاءه.

ومضى الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي في طريقه يفسر الوقائع ، بمعايير الفكر اليساري ، ويقرأ كتب التاريخ غير مميز بين حقيقة وشائعة ، وبين صحيح وموضوع ، وغير مدرك لمكانة الرجال الذين يتحدث عنهم ، فجاءت مقالاته بعيدة كل البعد عن المنطق العلمي ، كما جاءت بعيدة الأثر في الإساءة إلى الإسلام والصحابة .. وإلى الآمال المرجوة في الصحوة الإسلامية ، وجمع الشمل ".

وعيب الأستاذ الشرقاوي وأمثاله أنهم يريدون تطويع النصوص لمذهب رديء ، وتفسير الوقائع لخدمة فلسفات شرها أضعاف خيرها ، كأن الله أرسل رسله كي يمهدوا لكارل ماركس .

وقد رد الشيخ الغزالي على مزاعم الشرقاوي فيما يتعلق بالخليفة الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم مبينا فضل الصحابة الكرام ، وخيريتهم ، وجهادهم من أجل حفظ الدين وتبليغه للعالمين ، موضحا سماحة المسلمين التي كانت في بعض الأحيان منفذا للمتربصين لإحداث الفوضى وضرب الاستقرار ، فكتب يقول :

" إن محمدا عليه الصلاة والسلام هو إمام المتقين في الأولين والآخرين ثم يجيء في الفضل الرجال الذين حملوا معه الرسالة ، وأدوا الأمانة ، ونشروا الإسلام في المشارق و المغارب ، وجعلوا عالميته حقيقة ملموسة ، وتصدوا بالنفس والنفيس لطواغيت الأرض فكسروا شوكتهم وسحقوا دولتهم ، وأعني بهؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي طليعتهم الخلفاء الراشدون ، ومن بينهم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين .

وقد حدثت مآس مؤلمة في جيل الصحابة ترجع إلى بساطة العرب في فن السياسة، وعدم تقديرهم لمؤامرات عدوهم ، وثأر المهزومين لأنفسهم ، أليس مما يثير الدهشة أن تكون المدينة مفتوحة لما هب ودب من المجوس واليهود ، وأتباع الملل التي اجتاحها الإسلام ، فإذا هم يملكون في داخلها حرية الكيد والفتك ، وإذا الخلفاء الثلاثة بعد أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين يقتلون وكأنهم ذهبوا ضحايا أحقاد شخصية أو ثورات محلية .

كيف يقتل مجوسي عمر رضي الله عنه بهذه السهولة ؟، وكيف يزعم كعب الأحبار أنه وجد مقتله في التوراة ؟ أي توراة ؟!! ، أليس ظاهرا أن المجوس واليهود تظاهروا على ارتكاب جريمتهم في جو البراءة السائد بين المسلمين ؟.

وكيف قتل سعد بن عبادة زعيم الأنصار قبل أن يقتل عمر رضي الله عنه !، ثم يشاع أن الجن قتلته ، أي جن ؟!!.

ألم يفكر أحد أن الرجل قتل لإحداث وقيعة بين المهاجرين والأنصار ؟.


وكيف اقتحمت وفود مجلوبة من أقاصي البلاد دار الهجرة ، وأصبحت سيدة الشارع الإسلامي ، وصاحبة السطوة فيه لتقتل الخليفة الثالث بكل هدوء؟.

إن كتب التاريخ عندنا حافلة بالعجائب ، ومن المحدثين من يراها من الناحية العلمية ساقطة القيمة ! ونحن نراها كتبا جمعت الغث و السمين ، والخير والشر، والحق والباطل .....
وإلى لقاء مع الجزء الثالث بمشيئة الله وعونه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نظرات للشيخ محمد الغزالي في التاريخ الإسلامي (2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
™ فريق النوارس ... اكبر منتدى عربى شامل ™ :: o.O ( الساحه العامه المفتوحه ) O.o  :: |:| ذاكرة التاريخ |:|
-
انتقل الى: